بقلم - كريسبن أودي
هل هذه فقاعة أم تعاف؟ سؤال يتكرر طرحه، غير أنه سؤال ربما يصرف انتباه المستثمرين والمستهلكين والحكومات.
الفقاعة تنطوي على ارتفاع سريع وغير مبرر للأسعار. ولذلك شراء الموجودات في هذه الظروف يقتضي أن يعتمد المستثمرون على الحجة ''الأكثر غباء''، المتمثلة في الاعتقاد خطأ، أنهم سيحققون أرباحاً عند الصعود ويخرجون قبل أن تتفجر الفقاعة.
من غير الواضح أن هناك وفرة غير معقولة هذه الأيام. ومن المعقول أن تتم إعادة تقييم الشركات صعوداً بنسبة 50 في المائة عن أيام الجمود التي أعقبت انهيار بنك ليمان براذرز، لأن العالم أدرك أن تلك الشركات لم تخرج من دائرة العمل. ولذلك من المنطقي أن يتوقع المرء مزيداً من الارتفاع في التصنيفات التي تعطى لقيمة أسهمها. إننا نعيش في فقاعة معقولة. ولذلك حذار من عمليات الشطب، لأننا بذلك نفوت فرصة على أنفسنا.
فمع توقع بقاء المال رخيصاً بصورة مصطنعة، ومع وجود كثير من الحكومات التي تترتب عليها التزامات لا تستطيع الوفاء بها، ومع ارتفاع الضرائب، من المقبول أن يرغب المستثمرون في موجودات تتمتع قيمتها بأكبر قدر من الاستقلال عن الحكومات.
إن الأسهم تشتري جزءاً من أرباح الشركات في المستقبل ومن موجوداتها الحالية. والسلع تشتري شيئاً ملموساً وربما كان نادراً. ويعتبر الذهب ثروة محمولة. ولذلك، من المعقول أن يحاول المرء الحصول على عوائد ليست مرتبطة بقدرة الحكومات على الدفع. فهذه سوق صعودية بصورة معقولة في الموجودات الحقيقية وفيها مجال للجري.
لكننا لسنا في تعاف مستدام، فالمديونية الزائدة عن حدها سببت الانهيار، وليس المصرفيون وحدهم، وحزم مكافآتهم، هم الذين تسببوا فيه. إن مستويات الدين لم تتراجع وكل ما حدث هو تحويل جزء كبير من الدين إلى الحكومات، أو أنها تعهدت بتحمله. ولذلك لم نعد أكثر أماناً من ذي قبل. إن اقتصاداً عالمياً يستدين فيه المستهلكون العقلانيون من أجل سداد ديونهم، كما يفعلون الآن، لن يمكّن من العودة إلى الطلب الكبير الذي ألفناه. هناك أموال أكثر حولنا، لكن لا يتم إنفاقها.
إن المستثمر المتعقل يدفع قيمة الموجودات الحقيقية إلى الأعلى، والمستهلك المتعقل يسدد الدين. لكن ماذا عن الحكومات؟ إنها لا تتخطى العالم، بل هي كالجبار أطلس، تحمله وترفعه إلى أعلى. وهي غاضبة من المصرفيين الجشعين الذين يقتطعون لأنفسهم حصة من أسعار الموجودات الآخذة في الارتفاع. لكن أطلس يعلم أنه إذا هز كتفيه، فإن السماء ستسقط على الأرض. وهذا هو السبب الذي جعل الصين تتحول عن الخطط التي كان من شأنها أن تحول دون قيام البنوك الصغرى بزيادة القروض من دون زيادة حصتها فيها. وهو السبب الذي يجعل أوباما يواجه المتاعب بشأن الرعاية الصحية، لأن الناخبين الأمريكيين لن يقبلوا بشيء يعتبرون أنه من الصعب دفع تكاليفه. وهو السبب الذي يدعو القائمين على البنوك المركزية في منطقة اليورو والمملكة المتحدة يتحدثون عن وقف العمل بالتدابير التحفيزية، مع علمهم أنهم إذا فعلوا ذلك سينتهي التعافي.
ما مدى قدرة الحكومات على الوفاء بوعودها الاجتماعية، وكيف ومتى تسوي مشكلة الديون، أو تتخلف جزئياً عن سدادها؟
المشاكل التي تواجه الحكومات الحديثة هائلة والأرقام التقريبية تتحدث عن نفسها.
خذ المملكة المتحدة. يبلغ مردود اقتصادها 1400 مليار جنيه استرليني (2300 مليار دولار) في العام، تنفق الحكومة نصفه. لكن في سبيل موازنة المصروفات البالغة 700 مليار جنيه تتلقى 500 مليار جنيه فقط، الأمر الذي يخلق عجزاً سنوياً قدره 200 مليار جنيه، أو 14 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بأعلى نسبة عجز في السابق بنسبة 8 في المائة في سبعينيات القرن الماضي، أو بمتوسط العجز في المدى الطويل منذ عام 1970 بنسبة 3 في المائة. وهكذا الدين الإجمالي للحكومة يرتفع من نسبة 50 في المائة إلى 80 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
هذا وضع غير آمن. فلماذا يستثمر المرء في المملكة المتحدة عندما تقدم بلدان وشركات أخرى العوائد نفسها، أو أعلى منها مقابل خطورة أقل؟ إن دين المملكة المتحدة يكون آمناً فقط عندما يشتريه بنك إنجلترا عبر التخفيف الكمي.
لكن في ظل طفرة موجودات دونما تعاف مستدام بذاته، وفي ظل المفاضلة بين البلدان فيما يتعلق بأسواق الدين والعملات، ومع وجود هذه المديونية الهائلة، ما الذي تستطيع الحكومات المتعقلة أن تفعله؟
ربما كانت الفرصة الوحيدة المتاحة هي فتح نقاش مع الناخبين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وجميع البلدان المدنية حول الديون الهائلة التي قمنا بتأميمها، وفتح نقاش في البلدان ذات الفوائض في حساباتها الجارية حول تحفيز الطلب المحلي.
لقد تميز الوقت الماضي بتفضيل السياسيين ''الذين يطلقون الوعود الكبيرة ويأملون في الأفضل'' على السياسيين الواقعيين الذي يكزون على أسنانهم. لقد انتهى عهدهم، ويجب أن يتحول النقاش إلى شكل الحكومة، والدستور، والمجتمع، وإلى موضوع التقاعد بعد الوصول إلى سن السبعين، والعيش في ظل نمو ضعيف، وإلى تقليل تكلفة الحكومة وتقادم السكان في العمر. إن المحصلة ذات أهمية مباشرة بالنسبة للأسواق والاقتصاد الحقيقي على نحو لم يشهده المستثمر طيلة حياته.
وهناك خطر يتمثل فيما إذا كانت الحكومات ستمضي السنوات الخمس المقبلة في رد فعل على أزمات فرضت علينا من الخارج، الأمر الذي سيعيدنا جميعاً، عبر أزمة كبيرة أخرى في العقد المقبل، إلى نقطة الصفر، أو ما إذا كانت ستنتهز الفرصة الضئيلة المتاحة للتغيير الآن.
وبصفتي مستثمراً مسؤولاً عن الوظيفة الاجتماعية المفيدة، المتمثلة في حماية رأسمال المدخرين وزيادته، لن أراهن على حدوث التغيير، بل سأتخذ الاحتياطات اللازمة.
* نقلاً عن صحيفة الاقتصادية
هل هذه فقاعة أم تعاف؟ سؤال يتكرر طرحه، غير أنه سؤال ربما يصرف انتباه المستثمرين والمستهلكين والحكومات.
الفقاعة تنطوي على ارتفاع سريع وغير مبرر للأسعار. ولذلك شراء الموجودات في هذه الظروف يقتضي أن يعتمد المستثمرون على الحجة ''الأكثر غباء''، المتمثلة في الاعتقاد خطأ، أنهم سيحققون أرباحاً عند الصعود ويخرجون قبل أن تتفجر الفقاعة.
من غير الواضح أن هناك وفرة غير معقولة هذه الأيام. ومن المعقول أن تتم إعادة تقييم الشركات صعوداً بنسبة 50 في المائة عن أيام الجمود التي أعقبت انهيار بنك ليمان براذرز، لأن العالم أدرك أن تلك الشركات لم تخرج من دائرة العمل. ولذلك من المنطقي أن يتوقع المرء مزيداً من الارتفاع في التصنيفات التي تعطى لقيمة أسهمها. إننا نعيش في فقاعة معقولة. ولذلك حذار من عمليات الشطب، لأننا بذلك نفوت فرصة على أنفسنا.
فمع توقع بقاء المال رخيصاً بصورة مصطنعة، ومع وجود كثير من الحكومات التي تترتب عليها التزامات لا تستطيع الوفاء بها، ومع ارتفاع الضرائب، من المقبول أن يرغب المستثمرون في موجودات تتمتع قيمتها بأكبر قدر من الاستقلال عن الحكومات.
إن الأسهم تشتري جزءاً من أرباح الشركات في المستقبل ومن موجوداتها الحالية. والسلع تشتري شيئاً ملموساً وربما كان نادراً. ويعتبر الذهب ثروة محمولة. ولذلك، من المعقول أن يحاول المرء الحصول على عوائد ليست مرتبطة بقدرة الحكومات على الدفع. فهذه سوق صعودية بصورة معقولة في الموجودات الحقيقية وفيها مجال للجري.
لكننا لسنا في تعاف مستدام، فالمديونية الزائدة عن حدها سببت الانهيار، وليس المصرفيون وحدهم، وحزم مكافآتهم، هم الذين تسببوا فيه. إن مستويات الدين لم تتراجع وكل ما حدث هو تحويل جزء كبير من الدين إلى الحكومات، أو أنها تعهدت بتحمله. ولذلك لم نعد أكثر أماناً من ذي قبل. إن اقتصاداً عالمياً يستدين فيه المستهلكون العقلانيون من أجل سداد ديونهم، كما يفعلون الآن، لن يمكّن من العودة إلى الطلب الكبير الذي ألفناه. هناك أموال أكثر حولنا، لكن لا يتم إنفاقها.
إن المستثمر المتعقل يدفع قيمة الموجودات الحقيقية إلى الأعلى، والمستهلك المتعقل يسدد الدين. لكن ماذا عن الحكومات؟ إنها لا تتخطى العالم، بل هي كالجبار أطلس، تحمله وترفعه إلى أعلى. وهي غاضبة من المصرفيين الجشعين الذين يقتطعون لأنفسهم حصة من أسعار الموجودات الآخذة في الارتفاع. لكن أطلس يعلم أنه إذا هز كتفيه، فإن السماء ستسقط على الأرض. وهذا هو السبب الذي جعل الصين تتحول عن الخطط التي كان من شأنها أن تحول دون قيام البنوك الصغرى بزيادة القروض من دون زيادة حصتها فيها. وهو السبب الذي يجعل أوباما يواجه المتاعب بشأن الرعاية الصحية، لأن الناخبين الأمريكيين لن يقبلوا بشيء يعتبرون أنه من الصعب دفع تكاليفه. وهو السبب الذي يدعو القائمين على البنوك المركزية في منطقة اليورو والمملكة المتحدة يتحدثون عن وقف العمل بالتدابير التحفيزية، مع علمهم أنهم إذا فعلوا ذلك سينتهي التعافي.
ما مدى قدرة الحكومات على الوفاء بوعودها الاجتماعية، وكيف ومتى تسوي مشكلة الديون، أو تتخلف جزئياً عن سدادها؟
المشاكل التي تواجه الحكومات الحديثة هائلة والأرقام التقريبية تتحدث عن نفسها.
خذ المملكة المتحدة. يبلغ مردود اقتصادها 1400 مليار جنيه استرليني (2300 مليار دولار) في العام، تنفق الحكومة نصفه. لكن في سبيل موازنة المصروفات البالغة 700 مليار جنيه تتلقى 500 مليار جنيه فقط، الأمر الذي يخلق عجزاً سنوياً قدره 200 مليار جنيه، أو 14 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بأعلى نسبة عجز في السابق بنسبة 8 في المائة في سبعينيات القرن الماضي، أو بمتوسط العجز في المدى الطويل منذ عام 1970 بنسبة 3 في المائة. وهكذا الدين الإجمالي للحكومة يرتفع من نسبة 50 في المائة إلى 80 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
هذا وضع غير آمن. فلماذا يستثمر المرء في المملكة المتحدة عندما تقدم بلدان وشركات أخرى العوائد نفسها، أو أعلى منها مقابل خطورة أقل؟ إن دين المملكة المتحدة يكون آمناً فقط عندما يشتريه بنك إنجلترا عبر التخفيف الكمي.
لكن في ظل طفرة موجودات دونما تعاف مستدام بذاته، وفي ظل المفاضلة بين البلدان فيما يتعلق بأسواق الدين والعملات، ومع وجود هذه المديونية الهائلة، ما الذي تستطيع الحكومات المتعقلة أن تفعله؟
ربما كانت الفرصة الوحيدة المتاحة هي فتح نقاش مع الناخبين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وجميع البلدان المدنية حول الديون الهائلة التي قمنا بتأميمها، وفتح نقاش في البلدان ذات الفوائض في حساباتها الجارية حول تحفيز الطلب المحلي.
لقد تميز الوقت الماضي بتفضيل السياسيين ''الذين يطلقون الوعود الكبيرة ويأملون في الأفضل'' على السياسيين الواقعيين الذي يكزون على أسنانهم. لقد انتهى عهدهم، ويجب أن يتحول النقاش إلى شكل الحكومة، والدستور، والمجتمع، وإلى موضوع التقاعد بعد الوصول إلى سن السبعين، والعيش في ظل نمو ضعيف، وإلى تقليل تكلفة الحكومة وتقادم السكان في العمر. إن المحصلة ذات أهمية مباشرة بالنسبة للأسواق والاقتصاد الحقيقي على نحو لم يشهده المستثمر طيلة حياته.
وهناك خطر يتمثل فيما إذا كانت الحكومات ستمضي السنوات الخمس المقبلة في رد فعل على أزمات فرضت علينا من الخارج، الأمر الذي سيعيدنا جميعاً، عبر أزمة كبيرة أخرى في العقد المقبل، إلى نقطة الصفر، أو ما إذا كانت ستنتهز الفرصة الضئيلة المتاحة للتغيير الآن.
وبصفتي مستثمراً مسؤولاً عن الوظيفة الاجتماعية المفيدة، المتمثلة في حماية رأسمال المدخرين وزيادته، لن أراهن على حدوث التغيير، بل سأتخذ الاحتياطات اللازمة.
* نقلاً عن صحيفة الاقتصادية
الجمعة يناير 11, 2013 5:29 pm من طرف Ooops
» لو كل الحياة ورد
الجمعة فبراير 12, 2010 5:20 am من طرف HeSo
» رسائل احترقت وترمدت
الجمعة فبراير 12, 2010 5:18 am من طرف HeSo
» حاب القلوب الخضراء
الجمعة فبراير 12, 2010 5:15 am من طرف HeSo
» نبضات خرساء....
الجمعة فبراير 12, 2010 5:08 am من طرف HeSo
» المواطن السوري
الخميس فبراير 11, 2010 10:02 pm من طرف Mr.lonely
» ساعات للعالم الفهمانة
الخميس فبراير 11, 2010 10:00 pm من طرف Mr.lonely
» ماذا نعني بالعقل الواعي واللاواعي
الخميس فبراير 11, 2010 8:30 pm من طرف Mr.lonely
» كيف لا أشتاق لك
الخميس فبراير 11, 2010 8:26 pm من طرف Mr.lonely
» حقائق لا تعلمها
الخميس فبراير 11, 2010 8:26 pm من طرف Mr.lonely
» هل هناك صداقة حقيقية بين الشاب والفتاة؟؟؟!!!
الخميس فبراير 11, 2010 7:17 pm من طرف Mr.lonely
» اختلاف وجهات النظر لا يفسد للود قضية
الخميس فبراير 11, 2010 7:03 pm من طرف Mr.lonely
» هل تقبل النقد؟؟؟؟؟
الخميس فبراير 11, 2010 6:54 pm من طرف Mr.lonely
» بين الحنان والحنين....
الخميس فبراير 11, 2010 5:50 pm من طرف Mr.lonely
» اذا خيروك....شو بتختار....
الخميس فبراير 11, 2010 5:41 pm من طرف STAR OF STARS
» سؤال رياضي بحت
الخميس فبراير 11, 2010 9:41 am من طرف obadov
» فراشات ضلت الطريق
الخميس فبراير 11, 2010 5:50 am من طرف HeSo
» لن انساكي
الخميس فبراير 11, 2010 5:48 am من طرف HeSo
» لعبة الغياب
الخميس فبراير 11, 2010 5:43 am من طرف HeSo
» فقط ضع وزنك وراح يعطيك الرجيم المناسب واحتمال اصابتك بالسكر
الخميس فبراير 11, 2010 3:59 am من طرف lolocaty