في ليلة من ليالي الشتاء الماطرة كانت تجلس الى مدفأتها و تحدق في النار المنبعثة منها. كانت تعامل النار و كأنها شخص جالس أمامها يعي و يفهم.
ظلت على تلك الحال حتى الصباح تنصت لصوت اللهب و صوت المطر الذي كان يناغش نافذتها و كأنه يحدثها كانت قد تعلمت سياسة الإنصات و طبقتها بشكل مبالغ فيه لدرجة أنها نسيت الكلام .
استطاعت أخيرا أن تشعر بالسعادة التي كانت قد فقدتها عندما أيقنت أن الناس لم يعودوا قادرين على الاستماع لبعضهم بحجة عدم توفر الوقت لذلك فقررت أن تصمت و بما أن الناس من حولها كانوا قد استسلموا أمام سيادة الصمت و قرروا التنازل عن حقهم في الكلام قررت أن تستمع لأصوات الأشياء البكماء .
لم تعد تتحدث لكنها لم تقرر بعد التنازل عن الاستماع. و في الصباح التالي استيقظت على صوت رجل يصرخ في الشارع و قد تجمع الناس حوله كان يقول أنه قد فقد سمعه
كان الناس مصعوقين و لكن الأمر لم يهز شعرة واحدة في كيانها المتجمد كانت ترى أن ما حصل نتيجة طبيعية للصمت الذي اختاره هؤلاء الناس فكلهم يعلمون القانون الطبيعي الذي يقضي بموت العضو الذي لا يستعمل كما أن الله لم يخلق شيئا بلا فائدة في هذا الكون .
ارتدت ملابسها و ذهبت الى الجامعة و في الطريق كانت ترى ظاهرة الصمم تزداد بين الناس فلم يسمعها الشخص الجالس أمامها في الحافلة عندما طلبت منه تمرير النقود الى السائق و كذلك السائق لم يسمعها حين طلبت منه النزول في الموقف و كثير هم أولئك.
مر اليوم بهدوء مطبق لم يكن هنالك أبواق في الشوارع و لا أصوات في السوق عندما مرت به و الأعجب من ذلك أن المحاضرات كانت قد ألغيت لعدم قدرة الأساتذة على الكلام بحجة عدم إنصات الطلاب و أما المحاضرات القائمة فقد كان أسلوبها هو التالي
الأستاذ يكتب و الطلاب ينقلون ما كتب أو يعرض المحاضرة على الشاشة المتصلة بالحاسوب أما الجوالات فلم تعد ترن لان الجميع قد اعتمد على الرسائل قصيرة بدلا من سماع صوت الآخرين
عندما عادت الى المنزل كان الدخان كثيفا في الحي و كان ينبعث من شقة في البناء المجاور وقف الناس في ذهول و كان جميع من في البناء يخرج ناجيا بنفسه إلا سكان ذلك المنزل فقد كان محاطا باللهب بشكل منعهم من الخروج كان جميع من فيه أطفالا ثلاثة لم يصبهم الصمم بعد و لكن والدهم كان كذلك كان قد خرج من المنزل متجاهلا أصواتهم التي تطالبه باصطحابهم معه خرج ماشيا من الحي و لم
يعد إلا ليشهد المشهد الأخير اتصل بعض الجيران بالإطفاء اقصد أرسلوا لهم برسالة عبر الجوال لكن عامل الإطفاء الذي تلقاها كان قد ألقى جواله في الغرفة المجاورة
لذلك بقيت الشقة تحترق و بقي الناس يحدقون في اللهب بعيونهم البليدة و قد علت وجوههم نظرات سخيفة تنم عن لا شيء و كأنهم كانوا يظنون الدخان ينبعث من إحدى سجائرهم المطفأة
عادت الأم من العمل و قد كانت تعمل كمذيعة للأخبار في إحدى القنوات كانت مهمتها تحريك مؤشر الحاسوب و تبديل الصورة التي من خلالها يفهم الخبر وقفت برهة ذاهلة أمام فظاعة المشهد و عندما أدركت أن أولادها قد صاروا رمادا و أنهم قد احترقوا بنار الصمت تلك التي أضرمها الناس وقفت في منتصف الطريق و أطلقت صرخة سمعها كل أولئك الصم الواقفين أمامها
إن العضو الذي لا يستعمل يضمر
لم يكن الصمت مسببا في ضمور السمع فقط بل هناك أشياء أخرى كانت قد فقدت قيمتها
أيضا و كان أهمها القلب الذي لا يستطيع أن يستمر بالنبض إذا ما لم يسمع صوت احد ما يدعوه للاستمرار
تمت بعون الله
ظلت على تلك الحال حتى الصباح تنصت لصوت اللهب و صوت المطر الذي كان يناغش نافذتها و كأنه يحدثها كانت قد تعلمت سياسة الإنصات و طبقتها بشكل مبالغ فيه لدرجة أنها نسيت الكلام .
استطاعت أخيرا أن تشعر بالسعادة التي كانت قد فقدتها عندما أيقنت أن الناس لم يعودوا قادرين على الاستماع لبعضهم بحجة عدم توفر الوقت لذلك فقررت أن تصمت و بما أن الناس من حولها كانوا قد استسلموا أمام سيادة الصمت و قرروا التنازل عن حقهم في الكلام قررت أن تستمع لأصوات الأشياء البكماء .
لم تعد تتحدث لكنها لم تقرر بعد التنازل عن الاستماع. و في الصباح التالي استيقظت على صوت رجل يصرخ في الشارع و قد تجمع الناس حوله كان يقول أنه قد فقد سمعه
كان الناس مصعوقين و لكن الأمر لم يهز شعرة واحدة في كيانها المتجمد كانت ترى أن ما حصل نتيجة طبيعية للصمت الذي اختاره هؤلاء الناس فكلهم يعلمون القانون الطبيعي الذي يقضي بموت العضو الذي لا يستعمل كما أن الله لم يخلق شيئا بلا فائدة في هذا الكون .
ارتدت ملابسها و ذهبت الى الجامعة و في الطريق كانت ترى ظاهرة الصمم تزداد بين الناس فلم يسمعها الشخص الجالس أمامها في الحافلة عندما طلبت منه تمرير النقود الى السائق و كذلك السائق لم يسمعها حين طلبت منه النزول في الموقف و كثير هم أولئك.
مر اليوم بهدوء مطبق لم يكن هنالك أبواق في الشوارع و لا أصوات في السوق عندما مرت به و الأعجب من ذلك أن المحاضرات كانت قد ألغيت لعدم قدرة الأساتذة على الكلام بحجة عدم إنصات الطلاب و أما المحاضرات القائمة فقد كان أسلوبها هو التالي
الأستاذ يكتب و الطلاب ينقلون ما كتب أو يعرض المحاضرة على الشاشة المتصلة بالحاسوب أما الجوالات فلم تعد ترن لان الجميع قد اعتمد على الرسائل قصيرة بدلا من سماع صوت الآخرين
عندما عادت الى المنزل كان الدخان كثيفا في الحي و كان ينبعث من شقة في البناء المجاور وقف الناس في ذهول و كان جميع من في البناء يخرج ناجيا بنفسه إلا سكان ذلك المنزل فقد كان محاطا باللهب بشكل منعهم من الخروج كان جميع من فيه أطفالا ثلاثة لم يصبهم الصمم بعد و لكن والدهم كان كذلك كان قد خرج من المنزل متجاهلا أصواتهم التي تطالبه باصطحابهم معه خرج ماشيا من الحي و لم
يعد إلا ليشهد المشهد الأخير اتصل بعض الجيران بالإطفاء اقصد أرسلوا لهم برسالة عبر الجوال لكن عامل الإطفاء الذي تلقاها كان قد ألقى جواله في الغرفة المجاورة
لذلك بقيت الشقة تحترق و بقي الناس يحدقون في اللهب بعيونهم البليدة و قد علت وجوههم نظرات سخيفة تنم عن لا شيء و كأنهم كانوا يظنون الدخان ينبعث من إحدى سجائرهم المطفأة
عادت الأم من العمل و قد كانت تعمل كمذيعة للأخبار في إحدى القنوات كانت مهمتها تحريك مؤشر الحاسوب و تبديل الصورة التي من خلالها يفهم الخبر وقفت برهة ذاهلة أمام فظاعة المشهد و عندما أدركت أن أولادها قد صاروا رمادا و أنهم قد احترقوا بنار الصمت تلك التي أضرمها الناس وقفت في منتصف الطريق و أطلقت صرخة سمعها كل أولئك الصم الواقفين أمامها
إن العضو الذي لا يستعمل يضمر
لم يكن الصمت مسببا في ضمور السمع فقط بل هناك أشياء أخرى كانت قد فقدت قيمتها
أيضا و كان أهمها القلب الذي لا يستطيع أن يستمر بالنبض إذا ما لم يسمع صوت احد ما يدعوه للاستمرار
تمت بعون الله
الجمعة يناير 11, 2013 5:29 pm من طرف Ooops
» لو كل الحياة ورد
الجمعة فبراير 12, 2010 5:20 am من طرف HeSo
» رسائل احترقت وترمدت
الجمعة فبراير 12, 2010 5:18 am من طرف HeSo
» حاب القلوب الخضراء
الجمعة فبراير 12, 2010 5:15 am من طرف HeSo
» نبضات خرساء....
الجمعة فبراير 12, 2010 5:08 am من طرف HeSo
» المواطن السوري
الخميس فبراير 11, 2010 10:02 pm من طرف Mr.lonely
» ساعات للعالم الفهمانة
الخميس فبراير 11, 2010 10:00 pm من طرف Mr.lonely
» ماذا نعني بالعقل الواعي واللاواعي
الخميس فبراير 11, 2010 8:30 pm من طرف Mr.lonely
» كيف لا أشتاق لك
الخميس فبراير 11, 2010 8:26 pm من طرف Mr.lonely
» حقائق لا تعلمها
الخميس فبراير 11, 2010 8:26 pm من طرف Mr.lonely
» هل هناك صداقة حقيقية بين الشاب والفتاة؟؟؟!!!
الخميس فبراير 11, 2010 7:17 pm من طرف Mr.lonely
» اختلاف وجهات النظر لا يفسد للود قضية
الخميس فبراير 11, 2010 7:03 pm من طرف Mr.lonely
» هل تقبل النقد؟؟؟؟؟
الخميس فبراير 11, 2010 6:54 pm من طرف Mr.lonely
» بين الحنان والحنين....
الخميس فبراير 11, 2010 5:50 pm من طرف Mr.lonely
» اذا خيروك....شو بتختار....
الخميس فبراير 11, 2010 5:41 pm من طرف STAR OF STARS
» سؤال رياضي بحت
الخميس فبراير 11, 2010 9:41 am من طرف obadov
» فراشات ضلت الطريق
الخميس فبراير 11, 2010 5:50 am من طرف HeSo
» لن انساكي
الخميس فبراير 11, 2010 5:48 am من طرف HeSo
» لعبة الغياب
الخميس فبراير 11, 2010 5:43 am من طرف HeSo
» فقط ضع وزنك وراح يعطيك الرجيم المناسب واحتمال اصابتك بالسكر
الخميس فبراير 11, 2010 3:59 am من طرف lolocaty